بسم الله الرحمن الرحيم
يا أمة الله : أنذرتك النار !!
صرخة دوّى بها محمد صلى الله عليه وسلم في مسمع التاريخ قبل أربعة عشر قرناً من الزمان لأحب الناس إليه وأقربهم منه وأغلاهم عنده ، حيث قال : " يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من .. النار .. لا أغني عنك من الله شيئاً "
يا صفية عمة رسول الله : أنقذي نفسك من النار .. لا أغني عنك من الله شيئا
يا أمة الله : أنذرتك النار
وسطوة الواحد القهار... ونقمة العزيز الجبار .. وأن تطردي من رحمة الرحيم الغفار
يوم تعودين إليه .. وتقبلين عليه .. وتقفين بين يديه ... وحيدة فريدة ... طريدة شريدة .
مسلوبة من كل قوة .. محرومة من كل نصرة .. فمالك من الله من عاصم .. وليس لك من دونه راحم
يا أمة الله : أنذرتك النار
يوم تعرضين عليها .. وتردين على متنها
فترين لهيبها .. وتبصرين كلاليبها .. وتلمحين أغلالها وأنكالها فلا تدرين : أتنجين من الوقوع فيها وتنقذين منها ؟! فتسعدين للأبد !!
أم تقذفين إليها .. وتعذبين بها ؟! فيا تعاسة الجسد .. ويا حرقة الكبد.. ويا شقاءً ليس له أمد !!
يا أمة الله : أنذرتك النار
التي تناهت في الحرارة ... وزادت في الاستعارة
{ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
فلو تعالت صيحات أهل النار ما رحموهم .. ولو طالت زفراتهم لما أنقذوهم
ولو تواصلت أنّاتهم وحسراتهم لما ساعدوهم
وكلما أرادوا أن يخرجوا منها لما فيها أعادوهم وبمقامع الحديد طرقوهم .. وبالأنكال والأغلال قيدوهم .. فيا ذلة الحال.. ويا سوء المآل .. ويا بؤساً ليس له نهاية .
يا أمة الله : أنذرتك النار
فحرها شديد ... وقعرها بعيد .. ومقامع أهلها من حديد .. يقذف فيها كل جبار عنيد
وهي تنادي : هل من مزيد ؟! هل من مزيد ؟!
{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } { ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}
يا أمة الله :
أنذرتك ناراً تلظى لا يصلاها إلاّ الأشقى فهو بنارها يتكوّى وهي نزاعة للشوى
يا أمة الله
أنذرتك يوم الحسرة ..... إذ القلوب لدى الحناجر .. يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور .
ويظهر ما احتوته الضمائر
في ذلك اليوم الموعود وشاهد ومشهود
عندما تنطق عليك الشهود وتفضحك فيه الجلود .
يوم تأسفين وتندمين ، عندما تُسألين وتحاسبين عما كنت تفعلين وتعملين !!
يوم تُفتّح أبواب الجنان ، فيدخل منها وفد الرحمن ، للرضى والرضوان والنعيم والأمان والسعادة والإحسان.
وتوصد أبواب النيران على أهل العذاب والهوان والخسران والحرمان .
فمن أي باب تلجين ؟!
أفي دار المتقين المنعمين ؟!
أم في دار المعذبين المطرودين ؟! ومن رحمة الله محرومين ؟!
في العقاب الشديد والعذاب المهين !!
يا أمة الله :
وقال صلى الله عليه وسلم :" اطّلعتُ في الجنة فرأيتُ أكثر أهلها الفقراء ، واطّلعتُ في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " .
فاحذري
فأبوابها مشرعة لكل راغب
يا أمة الله :
رب طاعة تستصغر .. تكون عقباها مقاعد الصدق عند المليك المقتدر في جنات ونهر .
ورب معصية تحتقر .. يكون عقابها نار سقر فلا تبقي ولا تذر
.. صراخهم من يسمعه ؟!
عذابهم من يمنعه ؟ !
بكاءهم .. عويلهم .. من يرحمه ؟! من ينفعه ؟!
فُيسألون : ما الخبر ؟! { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } .
فيجب أهل تلك المعمعة
لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ }
فيا أمة الله
الصلاة ... الصلاة
وكيف تطيب الحياة بدون هذه الصلاة !! وفيها رضاء الإله ، وبها سبيل النجاة
فهي دليل السعادة وسبيل النجاح
فمن ضيع في البداية " حي على الصلاة " أضاع – ولاشك – في النهاية " حي على الفلاح "!!
وأنذرتك النار لحرارتها المتناهية وعيونها الآنية يوم تأتي لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها لها تغيظاً وزفيراً . تكاد تميز من الغيظ وهي تفور وبحرها تثور .
وأنذرتك النار لعفنها ونتنها و زهمها أن تدركك خباثة ما فيها
وأنذرتك النار أن تلدغك عقاربها وتلسعك حيَّاتها
وبعد هذه
أُذكر ُّ بتلك البشارة لمن زلت بها أقدامها في أوحال المعاصي وحضيض الذنوب وقيعان السيئات فتابت وأنابت وإلى الله استجابت .
فتغسلت في بحار دموع الندم .. مما عملت
وتعطرت بزفرات الحسرة والألم .. مما ألمت
فتلقاها ربها وهو فرح بها مع غناه عنها
فأدناها من بعد أن أقصاها
وأعطاها من بعد أن حرمها
وأحبها من بعد أن أبغضها
فانتقلت من ديوان المذنبين إلى سجل الطائعين
ومن دار المعذبين إلى دار المنعمين
فهنيئاً لها يوم تابت مما آتت
قبل أن يصرخ الناعي: ماتت !!
اخواتى
أصبروا على طاعة الله وعن معاصي الله وعلى أقدار الله ، فإنما هي أيام تتابع ولحظات تتعاقب .
ويذهب عنك التعب ويتلاشى منك النصب وتنقل من دار الهموم والغموم ، ومن موطن الأحزان والحرمان ومن دنيا الكمد والنكد ،
إلى جنة الخلود والنعيم المرفود { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ }
فيا أمة الله :
أما آن أوان الاستفاقة ؟!
أو ما قد حان زمان الانطلاقة ؟!
فعذاب الله – يا أمة الله – ليس في وسعك احتماله ولا لك عليه طاقة !!