[color:337b=olive][center]القاهرة (ا ف ب) - الساعة الثالثة بعد منتصف الليل .. العيون كلها معلقة نحو السماء وفجأة يتلألأ النور فوق برج كنيسة حي الوراق القاهرة لتسري رعشة في الجمع وتبتهج الاسارير ويتعالي هدير نشيد جماعي يخرج تلقائيا من حناجر الاف الاقباط المصريين "الست العدرا منورة".
انهم عشرة الاف او اكثر يتجمعون كل ليلة منذ اكثر من عشرة ايام في ارض فضاء قبالة كنيسة العذراء الواقعة على شاطئ النيل في حي الوراق الشعبي (جنوب القاهرة) حيث يمضون الليل كله في انتظار تجلي العذراء ويقولون "اذا كانت راضية عنا ستأتي لتباركنا".
احتفال اقباط مصر بما يؤكدون انه "ظهور نوراني للعذراء مريم" اشبه بعرس يمتد من الحادية عشرة مساء حتى الخامسة فجرا.
اسر كاملة تتوافد على الكنيسة واطفال يمرحون في فنائها واروقتها واخرون يلعبون في الارض الفضاء المقابلة وبائعو حلوى وشاي منتشرون في المكان وزغاريد تطلقها السيدات وسط تسابيح لا تنقطع باسم العذراء.
"كان اول من شاهد ظهور العذراء وتجليها جار مسلم قام بتصويرها بالفيديو ووزع الصور على الجميع بعد ذلك" هكذا يشرح القس افشاي كيف عرف لاول مرة بظهور العذراء.
ويروي انه "في الساعة الثامنه والنصف مساء الثاني من شهر كياك بالتقويم القبطي شاهد جار مسلم يدعى حسن كان يجلس على المقهى المجاور للكنيسة ضوءا شديدا قادما نحو الكنيسة وبدأ الناس في الشارع ينتبهون ورأوا الضوء يتحرك ثم شاهدوا حماما نورانيا مضيئا يطير في حركة دائرية حول الكنيسة وفي الساعة الثانية فجرا تجلت السيدة العذراء متجسدة فوق الكنيسة".
لكن بعض المسلمين من سكان المنطقة يقولون ان هذه الانوار ما هي الا نتاج العاب باشعة الليزر ويعتقدون ان هناك شخصا ما يقوم باطلاق الحمام ليلا.
داخل الكنيسة وخارجها شباب ونساء ورجال يسارعون باخبار اي زائر بالحدث ويخرجون على الفور هواتفهم المحمولة التي يحتفظون فيها بفيديو قصير يتضمن صورا لهالة مضئية غير واضحة المعالم فوق الكنيسة.
"انها هي بردائها الابيض والازرق لا شك في ذلك .. لا يمكن ان يكون هذا خداعا ضوئيا" يقول رامي (36 سنة) للرد على من يشككون في ظهور العذراء.
اما القس افشاي فيشرح بشكل اكثر هدوءا "الكنيسة تغلق ابوابها عادة مع حلول الليل لذلك لم نكن متواجدين عندما ظهرت لاول مرة وقررنا ان ننتظر الليلة التالية وبالفعل شاهدنا حماما نورانيا بحجم كبير يطير فوق الكنيسة ونحن موقنون تماما ان هذا ظهور لامنا مريم".
ويتابع "ليست هذه اول مرة تظهر فيها في مصر اذ سبق ان ظهرت في العام 1968 في كنيسة العذراء بالزيتون"، في اشارة الى ظاهرة مشابهة حدثت في ذلك العام وفسرها المصريون انذاك على انها اشارة الى دعم الهي لبلدهم بعد نكسة عام 1967 امام اسرائيل.
كوكب منير شحاتة (39 سنة)، ربة اسرة وام لطفلين تؤكد ان العذراء اجرت لها جراحة في العين اليسرى التي عادت لترى بها بعد ان كانت فقدت الابصار بها. تحكي كوكب "كانت الساعة الرابعة الا ثلث فجرا عندما بدأت في اجراء العملية لي، شعرت بألم شديد في عيني دام قرابة ربع الساعة ثم فوجئت بانني استطيع ان ارى كل شئ بوضوح".
وتشير الى عينها قائلة "هل ترون .. عيني اليسرى اصبحت اكثر اتساعا من اليمنى".
نبيل (32 سنة) وزوجته مريم (28 سنة) واطفالهم الثلاثة جاؤا من ضاحية شبرا الخيمة البعيدة (20 كليومترا شمال القاهرة) من اجل الفوز بمباركة العذراء. تقول مريم "ظهور الست العذراء معناه انها راضية عنا ولو باركتنا سنسهر حتى الصباح".
زوجها اكثر حماسا ويقول بصوت تشوبه نبرة غضب بسبب مقال نشر اخيرا في مجلة دورية يصدرها الازهر يتضمن تشكيكا في العقيدة المسيحية رغم ان الازهر سحبت اثره هذه المجلة من الاسواق" ان "ظهور العذراء معناه ان المسيحية اكيدة وان الانجيل حقيقة وليس ليس محرفا كما يقولون".
رأفت (38 سنة) يأتي كل ليلة مع اسرته لكنه يغادر مبكرا لان عليه ان يذهب الى عمله في الصباح، غير ان زوجته مريم تسهر مع اطفالها الاربعة حتى الصباح اذ كما تقول "المدارس مغلقة بسبب انفلونزا الخنازير وليس هناك ما يمنعني من انتظار امنا العدرا".
وفي بلد يشعر فيه الاقباط، الذين يشكلون 10% من اجمالي 80 مليون مصريا، عموما بالغبن ويشكون خصوصا من استبعادهم من الوظائف في القطاعات الحيوية كالقضاء والشرطة والجيش والجامعات، يرى المسيحيون في "ظهور العذراء" رسالة تطمين.
ويقول القس افشاي "الظهور الروحاني للعذراء لا يمكن معرفة سببه او تفسيره، ربما يستهدف تغيير شئ ما في نفوس الناس ودفعهم الى الايمان لكي يجدوا فيه خلاصا لمشاكلهم".
ويضيف "ربما يكون الهدف من ظهور السيدة العذراء تقريب الناس من بعضهم، ربما يؤدي هذا الظهور الى ازالة الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين والتعصب وعودة التسامح خصوصا انه لم يعد هناك تسامحا كما كان الحال من قبل في مصر".
[/center][/color]